حرمة الدماء في الأديان السماوية
ﻣﺎ ﺟﺎء
ﺑﻪ ﻣوﺳﻲ ، أﺗﻲ ﺑﻪ ﻋﯾﺳﻲ ، وﺧﺗم ﺑﻪ ﻣﺣﻣد ﺳﯾد اﻟﻣرﺳﻠﯾن ، ﺻﻠوات اﷲ وﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﯾﻬم
أﺟﻣﻌﯾن
. وﻣن ﻓوق ﺳﺑﻊ ﺳﻣﺎوات ﺧﺎطب اﷲ ﺗﺑﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻲ ﻧﺑﯾﻪ ﻣﺣﻣد ﻗﺎﺋﻼ :
آﻣن اﻟرﺳول ﺑﻣﺎ أﻧزل إﻟﯾﻪ ﻣن رﺑﻪ واﻟﻣؤﻣﻧون ﻛل آﻣن
ﺑﺎﷲ وﻣﻼﺋﻛﺗﻪ وﻛﺗﺑﻪ ورﺳﻠﻪ ﻻ ﻧﻔرق ﺑﯾن
أﺣد
ﻣن رﺳﻠﻪ وﻗﺎﻟوا ﺳﻣﻌﻧﺎ وأطﻌﻧﺎ ﻏﻔراﻧك رﺑﻧﺎ ٕواﻟﯾك اﻟﻣﺻﯾر ﻧﻌﺑد رﺑﺎ واﺣد، ﺷﺎء ﻟﻧﺎ أن
ﻧﻛون
ﻣﺧﺗﻠﻔﯾن،
ورﺳﺎﻻت ﺳﻣﺎوﯾﺔ ﺟﺎءت ﺟﻣﯾﻌﻬﺎ ﻹﺳﻌﺎد اﻟﺑﺷرﯾﺔ وﻧﺻت ﺟﻣﯾﻌﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺣرﻣﺔ اﻟدﻣﺎء
ودور
اﻟﻌﺑﺎدة، ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ: وﻟو ﺷﺎء رﺑك ﻟﺟﻌل اﻟﻧﺎس أﻣﺔ واﺣدة وﻻ ﯾزاﻟون ﻣﺧﺗﻠﻔﯾن.
وﻓﻲ
ظل ﻣﺎ ﺗﻌﺎﻧﯾﻪ ﻣﺻر ﻣن اﻧﻔﻼت أﻣﻧﻲ وﺣوادث ﻓردﯾﺔ ﺗﻬدد اﻟوﺣدة اﻟوطﻧﯾﺔ، أﻛد اﻟﻌﻠﻣﺎء أن
اﻟدﯾن
اﻹﺳﻼﻣﻲ أوﺟب ﺣﻣﺎﯾﺔ دور اﻟﻌﺑﺎدة وﺗﺄﻣﯾن اﻟﻣﺗرددﯾن ﻋﻠﯾﻬﺎ، وﺣرﻣﺔ اﻟﻧﻔس اﻟﺑﺷرﯾﺔ أﯾﺎ
ﻛﺎﻧت
دﯾﺎﻧﺗﻬﺎ أو ﻟوﻧﻬﺎ، وأن أﻣن ورﻋﺎﯾﺔ اﻵﺧر ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﯾﻌدان ﻣن ﺛواﺑت اﻟﺷرﯾﻌﺔ
الاسلامية
ﻛﻣﺎ
أن اﻹﺳﻼم ﯾﺣرم اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻲ اﻟﻧﻔس
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ،
ﻟﻛن ﻣﺎ ﺣدث ﻣؤﺧرا ﯾﺗﻧﺎﻓﻲ ﻣﻊ ﻣﺑﺎدئ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻣن ﺿرورة ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻧﻔس
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
وﻋدم اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻲ اﻵﺧرﯾن.
وﺻور
ﻟﻧﺎ ﺳﯾدﻧﺎ ﻣﺣﻣد
ﺻﻠﻲ
اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ﺣرﻣﺔ اﻟﻧﻔس اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﻋظﻣﺗﻬﺎ وﻣﻛﺎﻧﺗﻬﺎ ﺣﯾن طﺎف ﺑﺎﻟﻛﻌﺑﺔ اﻟﻣﺷرﻓﺔ،
ﻓﯾﻘول:
ﻣﺎ أﻋظﻣك وﻣﺎ أﻋظم ﺣرﻣﺗك وﻣﺎ أطﯾﺑك وﻣﺎ أطﯾب رﯾﺣك واﻟﻣؤﻣن أﻋظم ﺣرﻣﺔ ﻋﻧد اﷲ
ﻣﻧك
دﻣﻪ وﻣﺎﻟﻪ وﻋرﺿﻪ، وﻻ ﯾﻘﺗﺻر أﻣر ﺣرﻣﺔ اﻟﻧﻔس اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وأﻣر ﺻﯾﺎﻧﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻲ
ﻫذا
اﻟﻧﺣو ﻓﺣﺳب ﺑل اﻧﻪ ﯾﺻون ﺣرﻣﺔ اﻟﻧﻔس وﻟو ﻛﺎﻧت ﻏﯾر ﻣﺳﻠﻣﺔ وﻟو ﻛﺎﻧت ﻏﯾر ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟدﯾناﻹﺳﻼم،
ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن اﻟذﻣﻲ ﯾﻘول ﻋﻧﻪ ﺳﯾدﻧﺎ رﺳول اﷲ ﺻﻠﻲ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم: ﻣن آذي ذﻣﯾﺎ ﻓﺄﻧﺎ
ﺧﺻﯾﻣﻪ
ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ ﻓﻣن ﻟﻪ ذﻣﺔ وأﻣﺎن وﻋﻬد ﻻ ﯾﺻﺢ ان ﻧﻌﺗدي ﻋﻠﯾﻪ وﻻ ﻋﻠﻲ أﺣد ﻟم ﯾﺣﺎرﺑﻧﺎ
وﻟم
ﯾﻧﺎزﻟﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌرﻛﺔ، ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ: ﻻ ﯾﻧﻬﺎﻛم اﷲ ﻋن اﻟذﯾن ﻟم ﯾﻘﺎﺗﻠوﻛم ﻓﻲ اﻟدﯾن وﻟم ﯾﺧرﺟوﻛم
ﻣن دﯾﺎرﻛم
أن ﺗﺑروﻫم وﺗﻘﺳطوا اﻟﯾﻬم إن اﷲ ﯾﺣب اﻟﻣﻘﺳطﯾن، ﺑل وﺿﺢ اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ
وﺳﻠم
اﻧﻪ ﺑريء ﻣﻣن اﻋﺗدي ﻋﻠﻲ ﺣرﻣﺔ ﻧﻔس ﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻣن أﻫل اﻷﻣﺎن واﻟﻌﻬد اﻟذﯾن ﻻ
ﯾﺣﺎرﺑوﻧﻧﺎ
ﯾﻘول: أﻻ ﻣن ظﻠم ﻣﻌﺎﻫدا أو اﻧﺗﻘﺻﻪ أو أﺧذ ﻣﻧﻪ ﺷﯾﺋﺎ ﺑﻐﯾر طﯾب ﻧﻔس ﻓﺄﻧﺎ ﺣﺟﯾﺟﻪ ﯾوم
القيامه
حرَّم
الله سبحانه الدماء والأموال والأعراض، وأكَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حرمة
هذه الثلاثة، في حَجَّة الوداع، على ملأ من المسلمين، حيث يسمعه عشرات الألوف، في
هذه البلد الحرام، وفي اليوم الحرام، قال لهم: "إن الله حرَّم عليكم دماءكم
وأعراضكم وأموالكم؛ كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وقال:
"كُلُّ المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله"
ذلك
أن هذا الإنسان بُنيان الله تعالى، ولا يحق لأحد أن يَهْدم هذا البناء، إلا صاحبه
وبانيه، وهو الله عز وجل.
بل
ليس للإنسان نفسه حق في أن يَهدم هذا البناء، وأن يَقتل نفسه، ومَن فعل فقد قال
الله تعالى في الحديث القدسي: "بَدَرَني عبدي بنفسه، حرَّمتُ عليه الجنة
لقد
حرَّم الله هذه الدماء، وجعل لها هذه المنزلة، وحرَّمها في سائر شرائعه، وفي كافة
رسالاته ودياناته: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي
إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي
الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا
أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} [المائدة:32].
لا
يجوز أن تُقتل نفس بغير حق ... أي نفس معصومة، صغيرة كانت أو كبيرة، نفس غني أو
نفس فقير، نفس أمير أو نفس خفير ... كل نفس، حرَّم الله قتلها ما دامت غير معتدية
بالكفر أو بالظلم، {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام:151)
إنَّ الله تبارك وتعالى قد نهى عن قتل النفس بغير الحق في كتابه الكريم ، وأثنى عز وجل على الذين يجتنبون هذه الجريمة العظيمة ، وقد توعّد سبحانه من يفعلها باللعنة والغضب والعذاب العظيم والخلود في نار جهنم فقال تعالى : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )) [ النساء : 93 ] .
فاستحضر أخي المسلم هذا التهديد العظيم وهذا الوعيد الكبير فأيُّ تهديدٍ بعد هذا وأيُّ وعيد بعد هذا الوعيد كل ذلك ؛ لأنَّ المسلم له مكانة عند الله تعالى . ودم المسلم هو أغلى الدماء التي يجب أنْ تُصانَ ، وأن يُغضَب لإراقتها .
فاستحضر أخي المسلم هذا التهديد العظيم وهذا الوعيد الكبير فأيُّ تهديدٍ بعد هذا وأيُّ وعيد بعد هذا الوعيد كل ذلك ؛ لأنَّ المسلم له مكانة عند الله تعالى . ودم المسلم هو أغلى الدماء التي يجب أنْ تُصانَ ، وأن يُغضَب لإراقتها .
وبيّن أنَّ هذه الجريمة من السبع الموبقات المهلكات فقد قال :
(( اجتنبوا السبع الموبقات : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ))
(( اجتنبوا السبع الموبقات : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ))
أنَّ أول ما يُقضَى يوم القيامة بين العباد في الدماء ففي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
(( أولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ الصلاةُ ، وأولُ ما يُقضَى بينَ الناسِ الدماءُ )) (10) وما ذلك إلا لعظم خطرها يوم القيامة فاستعد للموقف العظيم ، والسؤال الصعب الذي ما بعده إلا جنة أو نار . وكل الذنوب يُرجَى معها العفو والصفح إلاّ الشرك ، ومظالم العباد . ولا رَيبَ أنَّ سَفْكَ دماء المسلمين وهَتْكَ حرماتهم لَمِنْ أعظم المظالم في حق العباد ،
فاحذر أخي المسلم كل الحذر أنْ تقع في دم حرام فتقتل أحداً من أجل فلان أو مُلْكِ فلان أو إمارة فلان ، فإنهم لن ينفعوك شيئاً عند الله ، ولن يدفعوا عنك شيئاً من عذاب الله
نسأل كما هدانا للإسلام من غير أن نسأله أن
يثبتنا على الإسلام حتى نلقاه، ونحن نسأله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن،
أن يحسن خاتمتنا أجمعين
0 التعليقات: